جزر تيران وصنافير: مفترق طرق استراتيجي بين السعودية وإسرائيل تحت الرعاية الأمريكية

تيران وصنافير

تُعد جزر تيران وصنافير، الواقعتان عند مدخل خليج العقبة في البحر الأحمر، من أبرز النقاط الاستراتيجية في المنطقة، حيث تتحكم بممرات بحرية حيوية تؤثر على حركة الملاحة الدولية، خاصة بالنسبة لإسرائيل والأردن. شهدت هذه الجزر تحولات سياسية وجيوسياسية معقدة، بدءا من السيادة المصرية، مرورا بنقلها إلى السعودية، ووصولا إلى التفاهمات الأمنية التي تشمل إسرائيل والولايات المتحدة.

يعود موضوع هذه الجزر إلى عام 1950، حيث طلبت المملكة السعودية من مصر تولي مسؤولية حماية جزيرتي تيران وصنافير، نظرا لموقعهما الحساس وعدم قدرة الرياض آنذاك على تأمينهما. ومنذ ذلك الحين، ظلت الجزر تحت الإدارة المصرية، وشهدت احتلالا إسرائيليا خلال أزمات 1956 و1967، قبل أن تُعاد إلى مصر بموجب اتفاقية كامب ديفيد عام 1979.

في أبريل 2016، أعلنت مصر عن اتفاقية لترسيم الحدود البحرية مع السعودية، تقضي بنقل السيادة على الجزر إلى الرياض. أثار هذا الإعلان احتجاجات واسعة في مصر، حيث اعتبره البعض تنازلا عن الأرض مقابل دعم مالي سعودي. ورغم الجدل القانوني، صادق البرلمان المصري على الاتفاقية في يونيو 2017، ووقع الرئيس عبد الفتاح السيسي على نقل السيادة لاحقا.

الأهمية الاستراتيجية للجزر

تقع جزيرتا تيران وصنافير عند مدخل مضيق تيران، الذي يُعد الممر البحري الوحيد لإسرائيل إلى البحر الأحمر عبر ميناء إيلات، وكذلك للأردن عبر ميناء العقبة. لذا، فإن أي تغيير في السيادة أو الترتيبات الأمنية في هذه المنطقة يثير اهتماما إسرائيليا بالغا.

بموجب اتفاقية كامب ديفيد، التزمت مصر بضمان حرية الملاحة في المضيق، وتم نشر قوات متعددة الجنسيات لمراقبة تنفيذ الاتفاقية. ومع نقل السيادة إلى السعودية، كان من الضروري الحصول على موافقة إسرائيلية، وهو ما تم بوساطة أمريكية، حيث تعهدت الرياض بالحفاظ على حرية الملاحة واحترام الترتيبات الأمنية القائمة.

الدور الأمريكي والوساطة

لعبت الولايات المتحدة دورا محوريا في تسهيل نقل السيادة على الجزر، حيث عملت على ضمان موافقة جميع الأطراف، وخاصة إسرائيل، على الترتيبات الجديدة. وفي يوليو 2022، أعلنت إدارة الرئيس جو بايدن عن اتفاق يقضي بسحب القوات الدولية من جزيرة تيران، مع تقديم السعودية ضمانات لإسرائيل بشأن حرية الملاحة، مما يُعد خطوة نحو تطبيع محتمل للعلاقات بين الرياض وتل أبيب.

اقرأ ايضاً
تأثير الضربات الأمريكية على الحوثيين في اليمن: بين الواقع العسكري والحسابات السياسية

الفوائد الإسرائيلية 

تحقق إسرائيل عدة مكاسب من هذه الترتيبات:

  • ضمان حرية الملاحة: تأكيد السعودية على التزامها بحرية الملاحة في مضيق تيران يطمئن إسرائيل بشأن وصولها إلى البحر الأحمر.
  • تعزيز العلاقات الإقليمية: يُعد الاتفاق خطوة نحو تطبيع العلاقات مع السعودية، مما يفتح آفاقا للتعاون الاقتصادي والأمني.
  • تقليص التواجد العسكري الدولي: سحب القوات الدولية من تيران يُقلل من التواجد العسكري الأجنبي في المنطقة، مما يُعتبر مكسبا لإسرائيل من ناحية السيادة الإقليمية.

الطموحات السعودية في الجزر

تسعى السعودية إلى تطوير جزيرتي تيران وصنافير ضمن خططها لتنمية السياحة، خاصة في إطار مشروع “نيوم” الضخم. كما أن السيطرة على الجزر تعزز من مكانة الرياض في البحر الأحمر، وتمنحها نفوذا أكبر في الممرات البحرية الحيوية.

ورغم التقارير التي تحدثت عن عرض السعودية إقامة قواعد عسكرية أمريكية في الجزر، إلا أنه لم يتم تأكيد هذه المعلومات رسميا. ومع ذلك، فإن التعاون الأمني بين الرياض وواشنطن في المنطقة يُشير إلى اهتمام سعودي بتعزيز الشراكة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة ولو كان ذلك يصب في مصلحة إسرائيل وعلى حساب الشعوب الأخرى في المنطقة.

ختاماً، بينما تسعى السعودية إلى تعزيز مكانتها الإقليمية، تستفيد إسرائيل من الضمانات الأمنية والتقارب المحتمل مع الرياض، في حين تواصل الولايات المتحدة دورها كوسيط رئيسي في إعادة تشكيل التوازنات في المنطقة.

المصدر: مسقط 24

→ السابق

الاتحادان الأوروبي والبرلماني العربي يطالبان بإنهاء حصار غزة وتسهيل دخول المساعدات

التالي ←

غزة: 57 وفاة بسبب الجوع وانهيار وشيك للقطاع الصحي

اترك تعليقاََ

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأكثر قراءة