في ظل الأوضاع الإنسانية الكارثية في قطاع غزة، أثارت تصريحات وزير الأمن الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، بشأن المساعدات الإنسانية موجة من الانتقادات الحادة داخل الائتلاف الحاكم، بينما تصاعدت التحذيرات الدولية من تفاقم الكارثة الإنسانية، أبرزها من منظمة “أطباء بلا حدود” التي وصفت غزة بأنها “مقبرة جماعية”.
كان كاتس قد صرح في وقت سابق من يوم الأربعاء بأن إسرائيل تستعد لإعادة إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع، لكنه تراجع سريعا عن تصريحه، مؤكدا أن سياسة الحكومة الإسرائيلية ما زالت قائمة على منع إدخال أي مساعدات في الوقت الراهن. وأوضح أن إدخال المساعدات – إن تم في المستقبل – سيكون عبر هيئات مدنية بهدف منع وصولها إلى حركة حماس، معتبرا قطع الإمدادات الإنسانية أداة فعالة في الضغط العسكري والسياسي، بحسب تعبيره.
هذا التراجع أثار سخط وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، الذي وصف أي خطوة لإعادة فتح المعابر أمام المساعدات بأنها “خطأ تاريخي” ما دام الرهائن الإسرائيليون ما زالوا محتجزين في غزة، مضيفا أن الضغط الاقتصادي والإنساني هو “رافعة مركزية لإجبار حماس على الاستسلام”.
من جانبها، عبرت منظمة “أطباء بلا حدود” عن قلقها الشديد إزاء الأوضاع في القطاع، حيث حذرت من انهيار النظام الصحي بالكامل في ظل النقص الحاد في الغذاء، والوقود، والأدوية، وغياب الأمان للطواقم الطبية. وقالت أماند بازيرول، منسقة الطوارئ للمنظمة، إن غزة تشهد “إبادة ممنهجة وتهجيرا قسريا لسكانها”، وأشارت إلى أن 11 من المتعاونين مع المنظمة قُتلوا منذ بداية الحرب.
المنظمة دعت المجتمع الدولي إلى الضغط من أجل رفع الحصار الذي وصفته بـ”غير الإنساني”، والعمل على وقف إطلاق النار، وتوفير حماية حقيقية للفلسطينيين والعاملين في المجال الإنساني.
وتتزامن هذه التصريحات مع استمرار الغارات الجوية الإسرائيلية، حيث أفادت وكالة الأنباء الفلسطينية “وفا” بمقتل عشرة أشخاص على الأقل في قصف استهدف منزلاً شمال غزة، في وقت تواصل فيه القوات الإسرائيلية عملياتها العسكرية لتوسيع ما تسميه بـ”المنطقة الأمنية”.
يُذكر أن نحو 70% من مساحة القطاع أصبحت إما مناطق محظورة أو مشمولة بأوامر إخلاء، بحسب ما أكده الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الذي طالب بوقف العمليات العسكرية وحماية المدنيين.
في المقابل، تتصاعد الضغوط الشعبية في إسرائيل، لا سيما من عائلات الأسرى الذين اتهموا الحكومة بالتقاعس والتلاعب بالأولويات، معتبرين أن تركيز الحكومة على السيطرة العسكرية يتقدم على جهود تحرير الرهائن.
وسط هذه التجاذبات، يزداد الغموض حول مستقبل الأوضاع في غزة، في ظل غياب أي مؤشرات على قرب انتهاء الحرب، أو التوصل إلى تسوية تضمن وقف إطلاق النار وتقديم المساعدات المنقذة للحياة لملايين الفلسطينيين المحاصرين.
المصدر: مسقط 24 + متابعات