في تطور خطير يعكس تصاعد حدة المواجهة في المنطقة، أعلن زعيم جماعة أنصار الله (الحوثيين) عبد الملك الحوثي أن الغارة الإسرائيلية الأخيرة التي استهدفت العاصمة صنعاء يوم الخميس الماضي، أودت بحياة رئيس الحكومة المعين من الجماعة أحمد الرهوي وعدد من وزرائه، وذلك خلال انعقاد ورشة عمل لحكومة ما يسمى بـ”التغيير والبناء”.
ويأتي هذا الاستهداف ليشكل أول عملية مباشرة تطال قيادات عليا في حكومة الجماعة منذ بدء الضربات الإسرائيلية على اليمن في يوليو/تموز 2024.
جماعة أنصار الله: الاغتيالات لن تغير الموقف
ورغم حجم الخسارة السياسية والبشرية التي تعرضت لها جماعة أنصار الله، شدد الحوثي في خطاب متلفز على أن هذا الاعتداء “لن يغير من موقف اليمن تجاه القضية الفلسطينية”، مؤكداً أن دعم غزة “خيار استراتيجي” لن تحيد عنه الجماعة، سواء على المستوى الشعبي أو الرسمي. وأوضح أن الاحتلال الإسرائيلي يمثل “تهديدا وجوديا للأمة الإسلامية بأكملها” ويعتمد سياسة استهداف المدنيين العزل بما في ذلك النساء والأطفال، الأمر الذي يجعل التصدي له واجباً لا يحتمل التأجيل.
الحوثي لفت أيضاً إلى أن الجرائم التي يرتكبها الاحتلال في فلسطين ولبنان وسوريا والعراق وإيران تكشف عن “طبيعته الإجرامية”، مضيفاً أن المسار التصاعدي في دعم الشعب الفلسطيني سيتواصل عبر مختلف الجبهات، سواء السياسية أو العسكرية أو الاقتصادية أو الإعلامية.
كما حذر من خطورة استمرار صمت الأمة الإسلامية تجاه ما وصفه بـ”تدنيس المقدسات”، معتبراً أن التجاهل سيجعلها ضعيفة وعرضة للهيمنة الخارجية. واعتبر أن حصار مليوني إنسان في غزة “جريمة إنسانية لا يمكن السكوت عنها”.
استمرار الهجمات رغم الاغتيالات
وبحسب بيان رسمي صادر عن جماعة أنصار الله، فإن الغارة أسفرت عن مقتل الرهوي وعدد من الوزراء والعاملين الحكوميين، بينما أصيب آخرون بجروح متفاوتة ويتلقون العلاج حالياً. وفي رد أولي على الهجوم، توعد رئيس المجلس السياسي الأعلى في الجماعة مهدي المشاط بالانتقام، مؤكداً أن الرد سيكون “موجعاً ومتصاعداً”، وأن قوات الحوثيين ستواصل تطوير قدراتها الصاروخية والعسكرية. كما وجه إنذاراً مباشراً إلى الشركات العاملة داخل “كيان الاحتلال”، داعياً إياها إلى مغادرة إسرائيل قبل فوات الأوان.
الهجوم الإسرائيلي جاء في وقت تواصل فيه جماعة أنصار الله تنفيذ ضربات بالصواريخ والطائرات المسيرة على أهداف إسرائيلية داخل الأراضي المحتلة، إلى جانب استهداف سفن تجارية مرتبطة بها في البحر الأحمر وخليج عدن.
وتؤكد الجماعة أن هذه العمليات تأتي في إطار “التضامن مع الشعب الفلسطيني الذي يتعرض لإبادة جماعية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023”. وبذلك، يربط الحوثيون بين نشاطهم العسكري المتصاعد ضد إسرائيل وبين استمرار الحرب الدائرة في غزة، ما يعزز الانطباع بأن اليمن أصبح ساحة مواجهة إضافية في الصراع الإقليمي.
تصعيد أكبر
ويرى مراقبون أن استهداف قيادات عليا في حكومة الحوثيين يمثل نقلة نوعية في استراتيجية إسرائيل العسكرية تجاه اليمن، الأمر الذي قد يفتح الباب أمام تصعيد جديد واسع النطاق. فبينما تسعى تل أبيب إلى إضعاف جماعة أنصار الله وتقليص قدرتها على تهديد الملاحة الدولية أو ضرب عمقها، يصر الحوثيون على المضي في مواجهة مفتوحة تتجاوز الحدود اليمنية لتشمل كامل محور المقاومة.
ويعتقد بعض الخبراء أن هذا التصعيد قد يغير موازين القوى في البحر الأحمر ويضع جماعة أنصار الله في موقع أكثر تأثيراً داخل معادلة الصراع، خصوصاً مع تزايد الدعم الشعبي الذي تحظى به نتيجة ربطها بين تحركاتها العسكرية ونصرة غزة. كما أن هذا الهجوم قد يدفع الجماعة إلى تعزيز تحالفاتها الإقليمية مع قوى محسوبة على محور المقاومة، بما يفتح الباب أمام جبهة إقليمية موحدة ضد إسرائيل وحلفائها.
وتزامن الهجوم مع استمرار الحوثيين في تنفيذ ضربات صاروخية وبطائرات مسيرة على أهداف إسرائيلية، إلى جانب استهداف سفن تجارية مرتبطة بها، مؤكدين أن هذه العمليات تأتي في سياق “التضامن مع الشعب الفلسطيني الذي يتعرض لإبادة جماعية في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023”.
ويذكر أن الغارة الأخيرة هي الأولى التي تستهدف قيادات عليا في حكومة الحوثيين منذ بدء الضربات الإسرائيلية على اليمن في يوليو/تموز 2024، ما يفتح الباب أمام تصعيد جديد في المنطقة، خصوصا مع تأكيد الجماعة أن الرد سيكون “موجعا ومتصاعدا”.
ختاماً، تبدو الغارة الأخيرة على صنعاء بداية مرحلة أكثر سخونة في الصراع الدائر، ليس فقط بين جماعة أنصار الله وإسرائيل، بل على مستوى المنطقة بأسرها. إذ يؤكد الخطاب الحوثي أن استهداف قياداته لن يضعف عزيمته في نصرة غزة، بل قد يدفعه إلى تكثيف عملياته، ما ينذر بمزيد من التصعيد في معادلة معقدة تتداخل فيها السياسة والدين والجغرافيا والاستراتيجيات العسكرية. ومن الواضح أن الحوثيين يسعون لتثبيت أنفسهم كقوة إقليمية صاعدة، مستندين إلى خطابهم المقاوم وتحركاتهم العسكرية التي يربطونها مباشرة بالدفاع عن فلسطين.
المصدر: مسقط 24
