في خطوة نوعية نحو انتفاضة عالمية ضد الاحتلال الإسرائيلي، أعلن التحالف العالمي من أجل فلسطين (GAFP) عن تنظيم يوم عالمي للتضامن مع غزة يوم السبت، 6 سبتمبر 2025. هذه المبادرة، التي تم الإعلان عنها بعد المؤتمر التأسيسي في لندن، تعبر عن تحويل الغضب الشعبي إلى قوة ضغط دولية ملموسة في مواجهة الحصار والإبادة في القطاع.
انتفاضة عالمية ضد الاحتلال: ولادة التحالف
تأسس التحالف العالمي من أجل فلسطين في 26 يوليو 2025، ضمن مؤتمر عقد في لندن بمشاركة ممثلين عن أكثر من 25 دولة و65 منظمة من خلفيات سياسية وحقوقية نقابية ومجتمعية. يهدف التحالف إلى بناء جبهة دولية منظمة ومستدامة ضد ممارسات الاحتلال، عبر حملات ضغط مؤسسية وشبكات إعلام بديل.
يضم المجلس التوجيهي شخصيات بارزة مثل جيريمي كوربين، والدكتور مصطفى البرغوثي، ويانيس فاروفاكيس، وروني كاسريلز، وجيري آدامز، مما يضفي ثقلًا سياسيًا وحقوقيًا يعزز من قدرة التحالف على التأثير العالمي.
ويُعد يوم 6 سبتمبر بمثابة انتفاضة عالمية ضد الاحتلال والصمت العالمي. تشمل الفعاليات تجمعات شعبية ومسيرات ووقفات احتجاجية أمام السفارات الداعمة لإسرائيل، ومقار شركات السلاح، وعروضا فنية، ولحظات صمت جماعية.
شعار اليوم: “الصمت تواطؤ”، الذي يلخص الرسالة القاصمة بأن الصمت أمام الجرائم إنما هو شراكة فيها. والدعوة لا تقتصر على كونها حدثا رمزيا؛ بل تشكل نقطة انطلاق لبناء حراك طويل النفس، يرتبط بتجربة مقاطعة جنوب إفريقيا، حيث لعب التضامن الدولي دورًا محوريًا في إنهاء نظام الفصل العنصري.
أكثر من مجرد تضامن وربط للحراك
تأتي هذه الدعوة في ظل كارثة إنسانية غير مسبوقة في غزة يعاني فيها أكثر من مليونين فلسطينيين من الجوع المتعمد، وتدمير للبنية الصحية والتعليمية. التضامن المعلن لا يسعى لإنهاء الحرب فحسب، بل يرفع شعارات أخلاقية وإنسانية: “رفع الحصار”، و”وقف الإبادة”، و”المحاسبة الدولية”.
كما أن التحالف يوجه رسالة سياسية مزدوجة للطرفين: أولا أن الاحتلال يعاني من عزلة دولية، ليس فقط عربية، بل في قلب الغرب نفسه؛ وثانيا أنه يجعل الحكومات والمؤسسات الدولية أمام مسؤولية أخلاقية لا يمكن التغطية عليها بالصمت.
هذه انتفاضة عالمية ضد الاحتلال والصمت الدولي ترسم التحالف بالمشهد الجديد: تضامن خارجي يقابله نضال فلسطيني داخلي. هذا الربط يفكك محاولات العزلة المفروضة على غزة بتحويل الساحات الدولية إلى امتداد لانتفاضتها الأرضية.
دعوة التحالف تشمل النقابات والهيئات الطلابية والدينية والمجتمعية، لمواصلة الحراك بعد يوم 6 سبتمبر، وتحويله إلى انتفاضة عالمية ضد الاحتلال وحملة مستدامة تستند إلى العدالة والحقوق الفلسطينية.
دعم عالمي متزامن وبداية فصل جديد
هذا الحراك يأتي متزامنا مع مبادرات دولية أخرى داعمة لقضية غزة:
Global Sumud Flotilla: مبادرة بحرية بقيادة نشطاء من 44 دولة تهدف إلى خرق الحصار البحري والتضامن البحري المباشر مع غزة، ومن المقرر أن تبدأ بين نهاية أغسطس وبداية سبتمبر 2025.
سلسلة من التحركات الدبلوماسية مثل قمة بوغوتا بالأمم المتحدة، التي عقدت في 15–16 يوليو 2025، وأصدرت خطوات ضد إسرائيل لإيقاف “الإبادة الجماعية” وإحالة الأمر للمساءلة الدولية.
وكذلك تظاهرات ضخمة مثل التي شهدتها هولندا باسم “Red line” في لاهاي مارس–يونيو 2025، بمشاركة أكثر من 100 ألف محتج للمطالبة بوقف الدعم الحكومي لإسرائيل ووقف الجوع ضد غزة.
تجتمع هذه المحاور كافة في نسيج يكشف أن التضامن مع غزة أصبح حقيقة متحركة وحيوية على الساحة العالمية.
كما تزامن الإعلان عن اليوم العالمي مع تقارير أممية تؤكد أن غزة تواجه كارثة إنسانية غير مسبوقة، إذ يعاني أكثر من مليوني فلسطيني من الجوع، بينما تُستهدف البنى التحتية الصحية والتعليمية بشكل متعمد. لذلك، فإن الهدف الأساسي للتحرك ليس سياسيا فحسب، بل إنسانيا في المقام الأول. الدعوة لوقف إطلاق النار الدائم ورفع الحصار تمثل جوهر المطالب لهذا الحدث.
ختاماً، يوم 6 سبتمبر 2025 ليس حدثا عابرا وإنما مقطعا مفصليا في مسار التضامن مع فلسطين. إنه يوم يعيد تعريف العلاقة بين الشعوب وكراسي الحكم، ويحول غزة إلى محور للضمير العالمي. انتفاضة عالمية ضد الاحتلال بدأت ببيان نوايا جماعي والمعركة الآن باتت على أرضية جديدة، أرض الضمير والحق والعدالة.
المصدر: مسقط 24
