أمازون السعودية: استعباد العمال والمهاجرين

استعباد العمال والمهاجرين

أثار تقرير لمنظمة حقوقية دولية جدلاً واسعاً في أوساط حقوق الإنسان ووسائل الإعلام الدولية، مسلطاً الضوء على واقعة استعباد العمال والمهاجرين في معامل ومستودعات أمازون السعودية.

ودفع هذا الاستعباد الأشخاص إلى دفع رسوم استقدام ضخمة، وسط اتهامات للسعودية بالتعاون مع الشركات الأجنبية لتحقيق أرباح باهظة على حساب كرامة العمال والمهاجرين وحياتهم.

استعباد العمال المهاجرين: الانتهاكات الموثقة

وفق تقرير منظمة العفو الدولية (أمنستي) وغيرها، اضطر العمال من بنغلادش، الهند، نيبال، باكستان، وغيرها إلى دفع رسوم استقدام غير قانونية تتراوح بين 800 إلى 3500 دولار تقريباً، عن طريق وكلاء توظيف في بلدانهم. وغالباً ما يُجبر العمال على الاقتراض بفوائد مرتفعة لسدّ هذه المبالغ، ثم يستغلون بعد الوصول، بحالة من استعباد العمال والمهاجرين تحت شروط قاسية.

تزوير أو تضليل في عقود العمل من خلال الوكلاء: وعد بأن تكون الوظيفة مباشرة لدى أمازون، لكن يتبين أن التوظيف يتم عبر شركات التوريد المحلية.

ممارسات قاسية: السكن غير المناسب، المساكن المكتظة، التأخير في الأجور، قيود صارمة على التنقل أو تغيير الوظيفة، حتى استصدار تصاريح الخروج، كلها ممارسات تقوض حياة العامل المهاجر ومثالا آخر لـ استعباد العمال والمهاجرين بنكهة معاصرة.

وفي فبراير 2024، أعلنت أمازون أنها دفعت حوالي 1.9 مليون دولار لتعويض أكثر من 700 عامل مهاجر دفعوا رسوماً غير قانونية. لكن التعويض لم يشمل الجميع، وهناك عدد كبير لا يزال ينتظر المال، بل إن بعض العمال استبعدوا بحجة أن عملهم انتهى قبل تاريخ معين أو لم يستوفوا معايير لم تعلن بوضوح.

وفي خضم هذا، تقول أمازون أنها عينت مستشارين خارجيين، وبدأت مراجعات داخلية وسلاسل توريد لتلافي الانتهاكات مستقبلاً، وتحسين سبل الشكوى القياسية، ومعايير التوظيف والعيش.

الدور القانوني والحكومي للنظام السعودي

السعودية تملك قوانين تمنع استيفاء رسوم التوظيف من العمال، وتتناول أيضا حقوق العمال المهاجرين فيما يتعلق بتغيير الوظائف، الخروج النهائي، والتنقل.

رغم ذلك، تقارير حقوقية تؤكد أن هذه القوانين تنفذ بضعف، وأن متابعة الانتهاكات شبه غائبة أو متأخرة، إلا أن النظام السعودي أعلن أنه جاري التحقيق في الشكاوى المتعلقة بالمستودعات، ووضع إطار تشريعي وسياسات تُفصل مكافحة الاتجار.

استعباد العمال من قبل آمازون والسعودية

لماذا تعد هذه الظاهرة استعباد 

المقصود بـ استعباد العمال والمهاجرين يشمل عدة معايير:

  • إجبار العمال على دفع مبالغ باهظة مقابل فرصة عمل، مما يقيد حريتهم ويضعهم تحت عبء ديون قد لا يفكونها إلا بعد سنوات.
  • تضليلهم بشأن شروط التوظيف، ما يجعلهم عالقين مع عقود أو شركات لا تختلف في ممارساتها عن أنظمة العبودية الاقتصادية، حيث يسلبون حقهم في التنقل، تغيير العمل، أو حتى العودة إلى بلادهم دون فرض غرامات.
  • غياب المراقبة والشفافية والمساءلة، ما يتيح للشركات استغلال هشاشة العمال المهاجرين.
  • السكن وساعات العمل والحماية القانونية المنعدمة أو الضعيفة، كلها عوامل تجعل العمال يعيشون في حالة شبه عبودية، خصوصاً مع النظام الذي يُسهل لهذه الانتهاكات أن تمر دون عقاب.

تقرير “Don’t worry, it’s a branch of Amazon” التابع لأمنستي وثق شهادات لـ 22 رجلاً من نيبال الذين عملوا منذ 2021 في مستودعات أمازون في الرياض أو جدة عبر شركتين وسيطتين، ودفع أغلبهم رسوماً وصلت في المتوسط إلى نحو 1500 دولار.

وفي استطلاع أجرته منظمة هيومن رايتس ووتش، أفاد معظم العمال بأنهم دفعوا رسوم استقدام رغم أن القانون السعودي ينصّ على أن هذه الرسوم يلتزم بدفعها أصحاب العمل.

المطالب الحقوقية والتحديات

منظمات حقوق الإنسان تطالب أمازون بأن تُنفذ التعويضات بشكل كامل، شفاف وعادل، يشمل جميع المتضررين من “استعباد العمال والمهاجرين”، دون استثناءات مبنية على تواريخ أو معايير غير معلنة.

كذلك تطالب هذه المنظمات بحماية قانونية أفضل للعمال المهاجرين، وضمان تطبيق القانون المنظم للتوظيف والتراخيص العقابية على الوكلاء الذين يتلاعبون بالعقود أو بالمعلومات.

كما يطلب من المملكة أن تعزز فعالية الرقابة القضائية والإدارية، وأن تتأكد من أن السياسات التي تعلن تُترجم إلى ممارسات واقعية، مع فتح تحقيقات مستقلة وشفافة.

وتشكل التحديات عدة عوامل تتثمل بـ:

  • صعوبة إثبات الحالات الفردية بسبب تغير أرقام التواصل، فقدان الوثائق، أو رفض بعض الشركات التعاون.
  • غياب معايير واضحة لدى أمازون أو الوسطاء لتحديد من يحق له التعويض، مما يؤدي إلى استبعاد بعض العمال بدعوى انتهاء العقد مبكراً أو أشياء شكلية.
  • تأثير النظام الكفيل الذي يربط العامل بصاحب العمل بحيث لا يستطيع أن يغير عمله أو يعود إلى بلده بسهولة، إذا لم يكن هناك التزام من الطرف الآخر.

ختاماً، قضية استعباد العمال والمهاجرين في معامل أمازون السعودية ليست مجرد ادعاء إعلامي، إنما حقيقة مدعومة بشهادات، أرقام، تحقيقات حقوقية واضحة. أمازون قدمت وعوداً وتعويضات لمسحوقين، لكن هناك فراغ كبير في التنفيذ والعدالة. النظام السعودي يحمل مسؤولية أخلاقية وقانونية ليضمن أن حقوق هؤلاء العمال المهاجرين محمية، وأن التعاقد والاستقدام لا يكون وسيلة لاستغلال فقرهم ودفعهم إلى حالة استعباد معاصرة.

المصدر: مسقط 24

→ السابق

نيوسوم يعلن دعوى ضد ترامب بعد نشر حرس كاليفورنيا

التالي ←

عُمان تشارك في الاجتماع التاسع والعشرين لوزراء الثقافة

اترك تعليقاََ

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأكثر قراءة