السعودية: شطب 8 مليارات دولار يكشف عن مشاريع ضخمة بلا رؤية

مشاريع ضخمة بلا رؤية

في خطوة تعكس مأزق السياسات الاقتصادية السعودية وغياب الانجاز من مشاريع ضخمة بلا رؤية واقعية، أعلن صندوق الاستثمارات العامة عن شطب 8 مليارات دولار من قيمة مشاريعه العملاقة.

هذه الضربة ليست مجرد تصحيح محاسبي، بل شهادة واضحة على أن ما روج له في إطار “رؤية 2030” لم يكن سوى مشاريع ضخمة بلا رؤية حقيقية. فبينما وعد ولي العهد محمد بن سلمان بتحويل المملكة إلى نموذج عالمي للتنمية، جاءت الأرقام لتكشف واقعا مغايرا عنوانه التراجع والخسائر وتضخم الوعود.

مشاريع ضخمة بلا رؤية: بالأرقام

الأرقام الرسمية الواردة في تقرير الصندوق لعام 2024 أوضحت أن قيمة الاستثمارات في ما يسمى بالمشاريع العملاقة تراجعت من 241 مليار ريال إلى 211 مليار ريال، أي انخفاض بنسبة 12.4%. هذا الانهيار المالي يعكس أن مشاريع ضخمة بلا رؤية لم تعد تُمثل مستقبلا اقتصاديا واعدا، بل تحولت إلى عبء مالي يتطلب مراجعة جذرية.

نيوم، المشروع الذي صوّر كأيقونة المستقبل، هو المثال الأوضح على هذه الفجوة. المدينة الخطية الخيالية، التي رسمت كتحفة معمارية بقيمة 500 مليار دولار، واجهت تقليصات واسعة وتأخيرات متكررة.

تقارير غربية حديثة أشارت إلى أن أجزاء من المشروع ألغيت بالفعل، وأن تسريحات موظفين تمت بصمت، ما يعكس تحول “الحلم” إلى نموذج فج لـ “مشاريع ضخمة بلا رؤية”.

كما أن الاعتماد المستمر على النفط كمصدر أساسي للإيرادات كشف حدود المغامرات الاقتصادية. انخفاض أسعار الخام وتراجع إيرادات أرامكو، التي فقدت أكثر من 14% من قيمتها السوقية منذ مطلع 2024، أضعف قدرة الصندوق على تمويل مشاريعه. هذا التراجع لم يترك أثره فقط على الشركات العملاقة، بل ضرب مباشرة تمويل مشاريع ضخمة بلا رؤية، التي لم تتمكن من جذب استثمارات خاصة أو شراكات دولية جدية رغم الدعاية الهائلة.

الأرقام أكثر فداحة عند النظر إلى العوائد: أرباح الصندوق هبطت بنسبة 60%، والعائد السنوي تراجع إلى 7.2% مقابل 8.7% في العام السابق. ومع أن إجمالي أصول الصندوق ارتفع إلى 913 مليار دولار، فإن نسبة المشاريع العملاقة في محفظته تقلصت من 8% إلى 6%. هذه النسبة المتناقصة تكشف أن حتى داخل دوائر صنع القرار لم يعد هناك ثقة بأن مشاريع ضخمة بلا رؤية قادرة على تحقيق نتائج ملموسة.

مشاريع ضخمة في السعودية ولكن بدون رؤية حقيقية

غياب الجدوى يفرض التراجع

تحت ضغط السيولة، أعاد الصندوق وأرامكو جزءا من أصولهما الخارجية في 2024، في خطوة فسرها صندوق النقد الدولي بأنها انعكاس مباشر لأزمة تمويلية. هذه التحركات، التي كان يُفترض أن تعكس استراتيجية “تركيز على الداخل”، لم تفلح في وقف النزيف. السبب ببساطة أن المشكلة لا تكمن في موقع الاستثمار، بل في طبيعة مشاريع ضخمة بلا رؤية، التي تقوم على استعراض معماري وإعلامي أكثر من كونها خططا اقتصادية واقعية.

حتى الفعاليات العالمية التي تراهن عليها المملكة، مثل كأس العالم 2034، لم تعد قادرة على إنقاذ الصورة. رويترز نقلت أن بعض أجزاء نيوم جرى تقليصها لتتوافق مع متطلبات هذا الحدث الرياضي، ما يعني أن المشروع الضخم لم يعد يخضع لرؤية استراتيجية بعيدة المدى، بل لضرورات مرحلية قصيرة.

هذا التراجع ليس مجرد خسارة مالية فقط بل صفعة سياسية للسلطة التي تبني صورتها على أنها “المجددة” القادرة على فك ارتباط المملكة بالنفط عبر مشاريعها العملاقة. لكن مع ظهور الحقائق، بات من الواضح أن هذه مشاريع ضخمة بلا رؤية ليست إلا مغامرات غير مدروسة يدفع ثمنها المواطن السعودي، سواء عبر التضخم أو خفض الدعم أو تآكل الفرص الحقيقية للتنمية.

تحذيرات الخبراء باتت جلية: إذا لم تتخل السعودية عن نهج المشاريع الاستعراضية وتوجّه مواردها إلى التعليم، الصحة، والتكنولوجيا العملية، فإن الاقتصاد سيظل رهينة تقلبات النفط وعاجزا عن مواجهة المستقبل.

ختاماً، ما كشفه تقرير الصندوق ليس مجرد شطب محاسبي، بل تشريح علني لفشل الرؤية الاقتصادية السعودية. الحقيقة التي لم يعد بالإمكان إخفاؤها أن مشاريع ضخمة بلا رؤية تحولت من أدوات دعاية سياسية إلى عبء يهدد الاستقرار الاقتصادي. وبينما تستنزف هذه المشاريع المليارات دون مردود ملموس، يظل المواطن السعودي الخاسر الأكبر، إذ تُهدر أموال الدولة على أحلام معمارية فارغة بدلاً من استثمارها في مستقبل مستدام. وبالتالي إن لم يجر تصحيح المسار بجرأة، فإن كل ما سيبقى من “رؤية 2030” هو ذكرى مؤلمة لحقبة مغامرات اقتصادية لم تعرف سوى الفشل.

المصدر: مسقط 24

→ السابق

القسام في غزة تبتكر أساليب قتال تكسر هيبة الاحتلال

التالي ←

مؤشر بورصة مسقط يغلق على تراجع طفيف عند 4921 نقطة

اترك تعليقاََ

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأكثر قراءة