في مثال جديد على براعة المقاومة الفلسطينية وقدرتها على قلب موازين القوة، نجحت كتائب عز الدين القسام في تحويل أدوات التجسس الإسرائيلية إلى وسيلة اتصال إنسانية، ما أثار صدمة كبيرة داخل الأوساط الأمنية والسياسية الإسرائيلية.
بحسب وسائل الإعلام الإسرائيلية، قام الاحتلال بزرع شرائح في مناطق محددة بقطاع غزة لأغراض التجسس على حركة الأسرى والمقاومين، بهدف جمع المعلومات ورصد أي اتصالات تكشف مواقع الأسرى الإسرائيليين. لكن المقاومة الفلسطينية لم تكتف بالكشف عن هذه الشرائح، بل أعادت برمجتها لتستخدمها في التواصل المباشر بين الأسرى وعائلاتهم قبيل الإفراج عنهم، ما يعكس مستوى متقدما من براعة المقاومة الفلسطينية في تحويل أدوات العدو لصالحها.
أبعاد براعة المقاومة الفلسطينية
الخطوة لم تكن مجرد استغلال تقني، بل حملت أبعادا سياسية وإنسانية وتقنية: إذ أظهرت للعائلات أن أسرى الاحتلال يتلقون رعاية وتعامل إنساني، وفي الوقت نفسه وجهت رسالة واضحة للجمهور الإسرائيلي بأن المقاومة قادرة على ضبط عملياتها واحترام القيم الإنسانية، على عكس الفوضى والانقسام داخل إسرائيل.
كما يؤكد هذا الحدث أن المقاومة تعتمد منظومة سيبرانية متطورة، قادرة على فهم وإعادة برمجة أدوات زرعتها أجهزة استخبارات غربية وأمريكية، بما يعكس مستوى متقدما من براعة المقاومة الفلسطينية في الأمن المعلوماتي والهندسة العكسية. وحدة الظل المكلفة بحماية الأسرى أظهرت قدرة فائقة على تحليل البيانات التقنية وتحويلها إلى أدوات فعالة للتواصل والرقابة داخل قطاع غزة.
فشل استخباري للاحتلال
أظهرت التحقيقات الإسرائيلية الداخلية ارتباكا كبيرا بين أجهزة الأمن والاستخبارات العسكرية، إذ تبادلت الاتهامات حول مسؤولية زرع الشرائح والإهمال في إجراءات الأمن الرقمي، بينما لم تنفذ التحذيرات السابقة المتعلقة بخطر ترك الشرائح في القطاع، حيث أشار التقرير إلى أن جيش الاحتلال زرع تلك الشرائح في مناطق محددة داخل غزة خلال فترات التوغل البري والعمليات الخاصة بهدف تتبع حركة الأسرى والمقاومين ورصد أي إشارات اتصال أو بيانات رقمية يمكن أن تقود إلى تحديد مواقع الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة.
لكن المفاجأة تمثلت في أن عدداً من هذه الشرائح أعيد تفعيله قبل ساعات فقط من تنفيذ صفقة التبادل، حيث تلقت عائلات الأسرى اتصالات مباشرة عبرها من داخل غزة، أجريت بواسطة كتائب القسام، وتحديداً من وحدة الظل المكلفة بحماية الأسرى. حيث سمحت المقاومة للأسرى بإجراء مكالمات مصورة مع ذويهم، وهو ما أظهر جانبا إنسانيا عميقا للمقاومة، ويؤكد أن براعة المقاومة الفلسطينية لا تقتصر على الجانب العسكري والتقني، بل تمتد إلى القدرة على إدارة أبعاد الصراع النفسية والإعلامية بشكل محسوب.
هذا الانهيار في التنظيم الأمني أتاح للمقاومة فرصة لتوظيف التكنولوجيا الإسرائيلية لصالح أهدافها، مجسدا براعة المقاومة الفلسطينية في استثمار أخطاء العدو.
رسالة إلى العالم
بعد صفقة التبادل، برزت المقاومة كطرف قادر على إدارة حرب الوعي والمعنويات، حيث تحولت أدوات التكنولوجيا الإسرائيلية التي صممت للتجسس والتدمير إلى وسيلة لإظهار السيطرة والتنظيم والقدرة على سردية جديدة للصراع، ما يبرز مجددا براعة المقاومة الفلسطينية في إعادة تعريف ميزان القوى على المستوى النفسي والإعلامي.
تؤكد هذه الخطوة أن المقاتل الفلسطيني ليس مجرد عنصر عسكري، بل طرف يتمتع بقدرة على الابتكار والتخطيط والتحليل، مستفيدا من أخطاء العدو وأدواته لتأكيد البعد الإنساني والعملي لصراعه. كل هذا يظهر أن ذكاء المقاومة الفلسطينية يمتد إلى كل تفاصيل الميدان الرقمي والمعلوماتي، ويعكس تطورا استثنائيا في إدارة الحرب الحديثة.
ختاماً، بينما يواصل الاحتلال تقييم خسائره ومراجعة قدراته الاستخبارية، تستمر المقاومة في توظيف كل أداة متاحة لإعادة رسم معادلة القوة، مؤكدة أن براعة المقاومة الفلسطينية ليست مجرد شعارات بل ممارسة فعلية على الأرض، تجمع بين الذكاء التقني والانضباط الأخلاقي والقدرة على تحويل أدوات العدو إلى أدوات مقاومة وتحقيق أهداف استراتيجية وإنسانية في آن واحد.
المصدر: مسقط 24
